سلسلة هكذا حدثتني امي

مرحبا
إن الماضي الكبير و المتنوع و الذي إمتزج بالحاضر المختلف عنه
تماما تقريبا قد يجعل أمي تتيه في ذكرياتها فقررنا أن تحدثني في كل مرة عن
موضوع معين و قد إختارت لي اليوم قصة - الأب الملك - أي أن الأب هو مالك كل
شيء في البيت فهو يتحكم في كل صغيرة و كبيرة فكان يحتفظ بمفتاح دار الخزين
التي بها المؤونة فيتولى الإنفاق بنفسه مخافة التبذير و الإسراف كما لا
يجوز التصرف في أي أمر دون مشاورته و من خالف ذلك فمصيره وابل من التوبيخ و
الحس الذي يلحقه عند مجيء الأب
لقد كانت له هيبة كبيرة فالأبناء و حتى
إن تزوج أحدهم فليس له الحرية في التصرف في ماله أو غير ذلك فالأب هو
المسؤول الوحيد عن النفقة و إن غاب يخلفه الابن الاكبر فيكون بمثابة الأب
من إحترام و تقدير و خوف فتبقى الأسرة متماسكة فلا كلمة تعلو فوق كلمته لا
كلمة الام و لا الابن و لا زوجة الابن و لا غيرهم و حتى إن تعلق الامر
بإختيار الزوج أو الزوجة فأوامره صارمة واجبة التطبيق
فقلت لها أما
الان يعني وقتنا الحالي فإبتسمت أمي و وراء إبتسامتها أشياء كثيرة فمازال
هناك أباء بهذا الشكل الصارم لكنهم يعدون على الأصابع
و في مجمل ما يجب
أن نستخلصه هو انه لا بد من الوسطية و لابد من النقاش بين أفراد الأسرة و
يقابلهما الكثير من الصرامة المستحبة و معرفة كيفية السيطرة على أفراد
الأسرة و توجيههم بذكاء و بأحسن الطرق
شكرا و إلى اللقاء

مرحبا من جديد في حديث امي
يقولون الزواج قسمة و نصيب و يتجلى هذا قديما فمعظم الازواج لا يرون بعضهم إلا ليلة الدخلة و يبقى دائما قسمة و نصيب فله التاثير الخاص على حياة الفرد لذا سوف تروي لنا أمي القليل عنه من عادات و تقاليد
و
الذي يبدأ أولا بالخطبة و التي تكون بعد رؤية الشاب لفتاة مستقبله في احد
أعراس الجهة أو عند توريدها للماء من أحد الابار لكن و كما رأينا ففي معظم
الاحيان تتم الخطبة دون علم المعنيين بالامر فيتفق الاولياء دون استشارة
الابناء و هذا كان قديما طبعا أو عن طريق التوصية فيقولون " فلانة لفلان "
وصية من الاب او الام او غيرهم.
أما مراسيمه فتبدأ بالعطرية و تتكون
من مواد غذائية و خروف و مواد زينة كالحناء و العطور و الكحل و البوش للشعر
و الجاوي و البخور و الحلي و المجوهرات كالخلخال و الفلايك و الخواتم و
بعض الأقمشة و تحمل العروس يوم الدخلة على ظهر بغل او فوق الجحفة أي على
الجمل و تكون تحت حراسة مشددة من طرف امها او احد اخواتها مخافة السحر و
الشعوذة إلى أن تدخل غرفتها و لا بد من إفراغ البيت تماما قبل دخولها
أما
العريس فيكون مكانه الحجابة مع أصدقائه في أحد حيشان الجهة و يكون برفقة
أحد أصدقائة المتزوجين يسمى المزوار لرعايته و توجيهه فيعيشون اجواء فرحة و
غناء و رقص و يوزعون الكاوكاو و الشاي و بعض الحلويات إلى حين وقت دخوله
لبيته
هذه بعض العادات و التقاليد البسيطة و سوف نتحدث في الجزء الثاني
عن أيام بعد الزواج و مدى خجل و حشمة العروسين و عن الزواج الحديث و
المقارنة بينهما
شكر ا و تحية عطرة

مرحبا
لقد رأينا في الحلقة الماضية بعض تقاليد الزواج عندنا و المميز
فيها هو شدة الحياء الذي يصاحب العروسين بعد الزواج فلا يستطيع العريس
رؤية والده لمدة تصل إلى سبعة أيام حياءا و إحتراما له و لا يدخل غرفته إلا
بحلول الظلام و يغادرها عند الفجر مخافة إلتقاء الأب معه شيء جميل يدل على
مدى قوة الروابط و الإحترام أما العروس فهي تحرم على نفسها الكثير من
الأشياء فهي لا تأكل أبدا أمام زوجها و تعتبره سيدا لها و لا تطلب منه شيئا
أبدا إحتراما و تبجيلا له
و بعد هذه المدة يذهب لوالده عند فطور
الصباح او عند العشاء و يسلم عليه و يقبل رأسه و تسمى هذه بالكبة فيمسك
الوالد يد العريس و عروسه و يقرأ عليهما بعض القرأن و يعطيهما مبلغ رمزي من
المال تعبيرا لهما عن حبه و مباركة لزواجهما
أما بالنسبة لوقتنا
الحالي فمازال هناك بعض التقاليد المتوارثة فيبدأ العرس بليلة الحنة حيث
يقومون بتحضير المكان جيدا فيزينونه يالأضواء و الورود حتى يدخل العريس
لتحني له أمه أو جدته او إحدى قريباته على اغنية حنيلي يديا المشهورة عندنا
و يرقصون و يغنون مع العريس
ثم يدخل أصدقائة و يكلفون أحدهم بالتبريح
و إلغاء النكت فيبدأ بذكر أسماء الأشخاص الذين يتهافتون على دفع المال في
خاطر العريس و أهله
و اليوم الثاني سيكون للوليمة و المحفل باللباس التقليدي و الزرنة و البندير
هذه
لمحة عن اعراسنا بين الماضي و الحاضر و من مجمل ما يجب ان نذكره هو
محافظتنا على بعض التقاليد لكن يجب ان نضع خط احمر على الأشياء الدخيلة
علينا كالتبرج و قلة الحياء و الإختلاط و كذالك تغير مفهوم الزواج لدينا
فلم نعد نراه كرسالة نبيلة و بذرة لتكوين أسر صالحة و مجتمع صالح و متين
فأصبحنا نتباهى بالانساب بالاموال و نتنافس أيهم يدفع أكثر نعم من حقنا
النظر لمستقبل أبناءنا و بناتنا لكن بصورة واقعية فلا يجب ان نذهب بعيدا و
تأخذنا الدنيا و زينتها و لهذا ظهرت الكثير من الأفات و المشاكل كالطلاق و
الخلع و الإنتحار و الخيانة الزوجية و غيرهم
أخيرا اتمنى أن نراجع انفسنا و نعي جيدا ما هو الزواج و نحافظ على عاداتنا و اخلاقنا فليس هناك ما هو اجمل منهما
تحية طيبة و إلى اللقاء